الأربعاء، 8 يناير 2020

نوبات غضب الأطفال سلوك طبيعي.. كيف يتعامل الأهل معها؟

نادين النمري

عمان- تشكل نوبات غضب الأطفال بما تشمله من إلقاء الأطفال لأنفسهم على الأرض والصراخ المستمر أمرا طبيعيا للأطفال تحديدا في الفئة العمرية بين 36 شهرا وثلاثة أعوام ونصف، والتي رغم أنها تشكل إحدى الصفات لمرحلة نمائية محددة في الطفولة، لكنها تبقى سلوكا مؤرقا للأهالي، لذلك تقدم مستشارة منظمة اليونيسف، وأخصائية الطفولة والإرشاد الوالدي سيرسا قورشة مجموعة من النصائح للأهالي للتعامل مع نوبات الغضب.
وأكدت قورشة خلال الحلقة التي بثت السبت الماضي على صفحة “الغد” على موقع فيسبوك، والتي حملت عنوان “نوبات الغضب لدى الأطفال” ضمن برنامج “أسرة لايف”، والذي تبثه “الغد” بالشراكة مع منظمة اليونيسف إن “هذه النوبات تعد من السلوكيات الطبيعية لدى الأطفال في هذه المرحلة العمرية، بل أنها تعد ضرورية لضمان النمو النفسي والعاطفي لدى الأطفال”.
وتقول، “نوبات الغضب ممكن أن تحدث بكافة الأعمار لدى الأطفال، لكنها تكون أكثر حدة في الفترة ما بين سن السنة ونصف والثلاث سنوات ونصف، بعد ذلك تخف حدتها، حتى أننا نلاحظ أن نوبات الغضب قد تصيب البالغين كذلك”.
وتزيد “هناك سبب من وراء حدوثها بشكل أكبر في هذه المرحلة العمرية تحديدا، وهي مرحلة تطوير القدرات والمهارات العاطفية لدى الأطفال”.
وتوضح، “في هذه المرحلة وبعد أن يكون الأطفال قد قطعوا شوطا في تطوير المهارات اللغوية والحركية، يبدأ دماغ الطفل بتطوير مهاراته العاطفية والذهنية والتعرف على كم كبير من المشاعر والعواطف، لكن في هذا العمر لا يكون الطفل قادر على السيطرة على انفعالاته وتحديد أوقات الانفعالات أو ضبط النفس”.
وتزيد “بدرجة أساسية الأطفال بهذا العمر يكونون مندفعين ولديهم عواطف هائجة، وليس لديهم القدرة على التعامل مع هذه المشاعر الكثيرة والمتضاربة، لأنهم لم يتملكوا المهارة التعامل مع هذه المشاعر المختلفة، وتعد هذه المرحلة العمرية مرحلة لتعلم والتدريب على مهارات ضبط الانفعالات. وتلفت قورشة الى أن أحد أسباب نوبات الغضب كذلك لدى الأطفال أن المخزون اللغوي لديهم رغم وجوده، لكنه ليس كاف لتعبير الطفل عن مشاعره أو احتياجاته، وفي الحالات التي يشعر بها الطفل بالإحباط في التعبير عن مشاعره، فإنه يصاب بنوبات الغضب هذه.
أما السبب الآخر لنوبات الغضب وفقا لقورشة، هي محاولة الأطفال تطوير استقلاليتهم بهذه المرحلة العمرية، كأن يختار الطفل ملابسه أو يأكل وحده، لكن هذا يقابله محاولات من الأهل للحد من هذه الاستقلالية، ما يؤدي الى نوبات الغضب لدى الأطفال.
وأخيرا فإن عدم تطور مهارة التكييف بشكل كاف في هذه المرحلة العمرية أيضا أحد الأسباب لنوبات الغضب، وفقا لقورشة.
وتوضح، “لذلك وبناء على كل ما ذكر فإن نوبات الغضب هي أمر طبيعي وصحي ومطلوب، وحتى في حال لم يتعرض لها الأطفال في المرحلة العمرية سنتين الى ثلاث سنوات، فإنها من الممكن أن تظهر في سن متأخر كسن 7 أو 8 سنوات، وحتى في هذه الحالات تبقى أمرا طبيعيا”.
وتقر قورشة بأن هذه النوبات وان كانت طبيعية، لكنها مزعجة ومؤرقة للأهل، لذلك تقدم قورشة مجموعة من النصائح للأهل للتعامل مع نوبات الغضب والحد منها.
وتزيد “التعامل مع نوبات الغضب يتطلب بداية الوقاية منها قبل حدوثها، وذلك عن طريق تجنب محفزات غضب الأطفال”.
وتوضح “هذه المحفزات تشمل الجوع، التعب، النعاس أو المرض”، مبينة “في حال مثلا حال شعر الطفل بالنعاس يجب تجنب أخذه الى أماكن صاخبة أو فيها ضجة”، أو التأكد من تقديم وجبة الطعام قبل الذهاب الى مكان بعيد حتى نتجنب نوبة الغضب.
النصحية الأخرى وفقا لقورشة هي تهيئة الأطفال عند الانتقال من نشاط الى أخر، لأن الانتقال من نشاط الى آخر قد يسبب توترا وضغطا على الطفل، مثلا في حال رغبنا أن يقوم الطفل ترتيب ألعابه، يجب إخباره أنت الآن تلعب، وبعد عشر دقائق يجب أن تبدأ بترتيب ألعابك، وهكذا.
أما الأمر الآخر فهو توفير خيارات للطفل بما يحقق للطفل شعوره بالاستقلالية، مثلا اعطاء الطفل 3 خيارات للملابس التي سيرتديها، بحيث تكون تلك الخيارات ضمن المتاح، وضمن الحدود التي يضعها الأهل.
أما التعامل مع نوبة الغضب نفسها، فتنبه قورشة الى نوعين من تلك النوبات، النوبات التحايلية، والتي يستخدمها الطفل كوسيلة للضغط على الأهل لتحقيق مطلبه، أما النوع الآخر فهو النوبات العاطفية، والتي يكون الطفل يشعر بها بغضب وإحباط شديدين.
في حال النوبات التحايلية، والتي يستخدمها الطفل كوسيلة للتحايل على الأهل والحصول على ما يريد، تنصح قورشة الأهل أن يحافظوا على هدوئهم، وأن يتكلموا مع الطفل بصوت هادئ.
وتابع في هذا الحالة نقول للطفل “لا أستطيع سماعك هكذا، تكلم بصوت هادئ حتى اتمكن من سماعك”، وتزيد في حال لم يستجب الطفل، فهنا يجب تجاهل مطلب الطفل.
وتبين أن “استخدام هذه الوسيلة بشكل متكرر ومع كل نوبة تحايلية يعد وسيلة ناجحة على المدى البعيد في الحد من هذا النوع من النوبات”.
أما الطريقة الأخرى للتعامل مع نوبات الغضب التحايلية هي لفت نظر الطفل الى أمر آخر وإلهائه به، وهي وسيلة قد تنجح لكن بنسب أقل.
أما النوع الاخر وهو النوبة العاطفية، فهي وفقا لقورشة تكون نتيجة شعور الطفل بغضب أو احباط شديد، والمهم هنا أن ينجرف الأهل لتنتقل لهم حالة التوتر أو الغضب.
وتزيد “التعامل مع نوبة الغضب العاطفية يجب أن نحافظ على هدوئنا كأشخاص بالغين، وأن تكون أولويتي تهدئة الطفل عن طريق حضن الطفل على سبيل المثال أو الحديث معه بصوت هادئ”.
وتشدد على ضرورة أن لا يتم تجاهل هذا النوع من نوبات الغضب، ومهم كذلك أن لا يتصاعد الموقف.
وتزيد، “هذه الحالات توجب إظهار تعاطف مع الطفل وإشعاره بأن المحيطين به يتفهمون مشاعره، لكن مع الحفاظ على الحدود التي يضعها الأهل”.
ولذلك تشير قورشة الى بعض وسائل التهدئة الى جانب حضن الطفل، اقتراح اعطاءه لعبته المفضلة، ليقوم بحضنها أو اقتراح أن يشرب الماء.
وتلفت الى أنه في بعض الحالات يرفض الطفل الحضن أو وسائل التهدئة، عندها من المهم أن يبقى الأهل بجانب الطفل الى أن يهدا، لافتة الى أن نوبة الغضب قد تستمر لمدة 5 دقائق أو عشر دقائق وفي حالات قد تمتد الى 45 دقيقة، وفي حالة الفشل في تهدئته يجب إعطاء الطفل المساحة للتعبير عن غضبه لحين أن يهدأ على أن يبقى الأهل قريبين من الطفل.
أما بعد انتهاء نوبة الغضب تؤكد قورشة ضرورة أن يتواصل الأهل مع الطفل، والتحدث معه ومراجعة ما حصل بالموقف، معتبرة أن هذا الحوار هو حجر أساس للتعامل مع الطفل.
برنامج “أسرة لايف”، المتخصص بقضايا التنشئة وأساليب التربية الوالدية الإيجابية، يبث على صفحة “الغد”، وذلك ضمن شراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” ثم ينشر لاحقا في الصحيفة الورقية، مرفقا بـ “فيديو”، ويعرض كامل الحلقة وينشر على الموقع الإلكتروني لـ “الغد”.
ويأتي برنامج “أسرة لايف”، الذي تعده وتقدمه في موسمة الثاني اخصائية الطفولة والارشاد الوالدي سيرسا قورشة، ثمرة تعاون بين “الغد” و”اليونيسف”، ويسعى الى رفع الوعي المجتمعي، وكذلك وعي أولياء الأمور بأساليب الوالدية الإيجابية والتنبيه من الآثار السلبية للعنف الواقع على الأطفال، وذلك دعما لتطبيق الخطة الوطنية للحد من العنف ضد الأطفال.
وتقدم “اليونيسف” الدعم الفني والإرشادي للبرنامج الذي يستمر لمدة عام.
ويسلط “أسرة لايف” الضوء على الأثر السلبي للعنف كوسيلة للتأديب، كما يقدم معلومات حول أساليب التربية الصحيحة وكيفية التعامل مع التحديات التي يواجهها أولياء الأمور في تنشئة أبنائهم منذ مرحلة الطفولة المبكرة وحتى فترة المراهقة، فضلا عن أنه يوفر مساحة للأطفال وأهاليهم وطرح أسئلتهم عن التحديات التي يواجهونها.

The post نوبات غضب الأطفال سلوك طبيعي.. كيف يتعامل الأهل معها؟ appeared first on Alghad.


إقرأ المزيد

0 التعليقات

إرسال تعليق