الجمعة، 24 يناير 2020

الأزمات العاطفية.. نهايات قاسية تفقد أصحابها رغبة الحياة!

ربى الرياحي

عمان – نهاية غير متوقعة عاكست تماما كل ما حلمت به العشرينية منار التي وجدت نفسها أمام حقيقة مرة لم تستطع استيعابها بعد قصة حب عاشتها بكل مشاعرها وأحاسيسها.
اليوم تواجه منار حالة من عدم الاتزان والاستسلام لحصار الذكريات المؤلمة؛ إذ لم تكن تتوقع أبدا أن الحب الذي استمر مدة ثلاث سنوات سيكون مصيره الانهيار.
أسباب كثيرة وقفت في وجهه منعته من أن يقاوم وينتصر للفروق الاجتماعية والفكرية، كل ذلك حال بينها وبين حلمها، ومشاعرهما وحدها لم تكن كافية نهائيا.
الوهم والخيبة والألم كلها أوجه لشكل الحياة التي تختبرها منار حاليا، والتي أيضا تجد صعوبة كبيرة في تخطيها والعودة لذاتها وأحلامها ولكل التفاصيل التي من شأنها أن تذكرها بأنه ما يزال يليق بها الفرح والحب وبأن هناك أشياء جميلة في انتظارها لم تعشها بعد.
نهايات قاسية رغم واقعيتها تسدل الستار على قصص حب لم يكتب لها أن تكلل بالزواج. علاقات آلت إلى الوهم والفشل، أما الوجع والألم والحزن فكانت من نصيب أصحابها الذين فقدوا الرغبة في الحياة، وشعروا بالانكسار وبقوا رهائن لذكرياتهم المرة.
أحلام رسمها من أرادوا العيش معا، لكن الحياة أبت إلا أن تعاند مشاعرهم وتنسف تلك القصور الرملية التي على ما يبدو بنوها وسط عواصف عاتية لم تكن جديرة بالمقاومة.
نبيل هو الآخر لم يسلم من ألم الحب وخذلانه، بل كان موهوما متغافلا عن كل الحقائق، هو اختار أن يعاني بمفرده أحب أن يكون الضحية في قصة حب من طرف واحد، فاعتقد أن مشاعر الحب من الممكن أن تكون عدوى تنتقل إلى الطرف الآخر، لذا رأى أن يقدم كل ما لديه من عاطفة لفتاة أحلامه التي لطالما تمناها زوجة له رغم أنها لم تكن تبادله أي نوع من المشاعر.
إصراره على أن حبه لها سيغيرها وسيجعلها تحبه كما يحبها دفعه لأن يرفع سقف توقعاته أكثر من اللازم، فكانت الصدمة التي هزته في العمق وأفقدته توازنه وحولته إلى شخص متعب غير مبال بكل ما يحدث حوله. زواج الفتاة التي كان يحبها من رجل آخر حقيقة آلمته وأشعرته بالمرارة؛ إذ إن قسوة التجربة التي عاشها تمنعه من تكرارها وتبقيه خارج دائرة الحب بدون أن يعرف إلى متى.
الأخصائية النفسية الدكتورة سلمى بيروتي، ترى أن الأزمات العاطفية لا تستثني أحدا، فليس هناك إنسان بمأمن منها، والكثير من قصص الحب تنتهي لأسباب مبهمة أحينا رغم وضوحها ظاهريا، لافتة إلى أن الفجوة بين توقعات الشخص والواقع ينتج عنها حتما الخيبة والخذلان والانكسار والضياع والغربة حتى وإن كان الشخص محاطا بالمقربين والأصدقاء فإن شعور الوحدة يحاصره.
في هذه الحالات، تبين بيروتي أن العزلة والانسحاب الاجتماعي والميل للصمت تعد حلولا خاطئة يلجأ لها الشخص المصدوم عاطفيا لاعتقاده بأن هذه الطريقة تحميه من أعين الناس وتمنحه الفرصة للهروب حتى من نفسه، إلا أن ذلك ليس صحيحا أبدا.
وتتابع أن تعرض الإنسان للأزمات العاطفية يوجد لديه سلوكيات جديدة غير مألوفة منه وتجعله أكثر توترا وغضبا وتشتتا، لذا لا بد من استيعابه جيدا والبقاء إلى جانبه بدون الحكم عليه.
وتعتبر أن الدخول إلى عالمه والإصغاء لوجعه وحزنه أمر في غاية الأهمية، يشعره بأنه ليس وحده وأن هناك من يفهم كل ما يمر به ويقدر أحاسيسه وقادر على مواساته وطرق باب قلبه من خلال علاقة الثقة التي يبنيها مع من حوله، فالإنسان عندما يتألم ويواجه أزمة ما يلجأ دائما لمن يثق به ويفهمه ولديه القدرة على دعمه وتخليصه من كل المشاعر السلبية التي يشعر بها.
وتذهب إلى أن المشاركة مهمة جدا للنفس الإنسانية، لأنها تمنح الشخص المتألم شعورا بالراحة والقوة وبوجود أشخاص داعمين له يعرفون تماما كيف يطببون أوجاعه بكلمات تواسي قلبه الحزين وروحه المنكسرة.
إلى ذلك، فإن الخروج من الأزمات العاطفية أو على الأقل التخفيف من تأثيرها على الشخص يحتاج إلى وقت ومتابعة مع من يمثلون مصدر الأمان والثقة، كما أن الحياة لا تقف ولا تنتظر أحدا.
وتضيف أن قدرة الإنسان المصدوم على فهم مشاعره جيدا والأسباب التي أدت إلى حدوث فشل بعض علاقات الحب وإنهائها، تساعده بالتأكيد على تخطي مكانه وعدم البقاء عالقا في متاهات الحزن والقهر والوجع.
وتؤكد بيروتي أن تخطي الإنسان أزماته العاطفية يتحقق من خلال حصوله على الحاجات العلاقاتية التي تظهر جليا في مثل تلك الأوقات الصعبة. وإشعاره بالاهتمام والأمان والمواساة يساعده على أن يستعيد توازنه سواء بحياته أو بأفكاره أو بمشاعره، وهذا تماما ما يعينه على مداواة جروحه والتسامح.

The post الأزمات العاطفية.. نهايات قاسية تفقد أصحابها رغبة الحياة! appeared first on Alghad.


إقرأ المزيد

0 التعليقات

إرسال تعليق