عمان – قد يدفعنا الشعور بالذنب لأن نتغيّر للأفضل وقد يكون سببا في معاناة نفسية طويلة الأمد. يراودنا هذا الشعور عادة حين نعتقد أنّنا خرَقنا قاعدة ما (قاعدة اجتماعيّة كالإخفاق في تحقيق توقعات الآخرين أو الإخلال بإحدى القيم المجتمعيّة أو قاعدة شخصيّة كإخلاف وعد قطعناه على أنفسنا أو خرق لبعض القِيم التي نتبناها).
ينبع الشعور بالذنب من الإيمان بأن العقاب سوف يُعدِّل من سلوكيّاتنا وسيدفَعُنا لتغيير طريقة قيامنا بالأمور. لذا لابد من التفريق بين الشعور بالذنب المُثمر وبين ذلك الذي يُعد جلدا للذات. فالأول يدفعنا لكشف أخطائنا والاعتراف بها بهدف تصحيحها، على عكس جلد الذات الذي يَحدُث عادةً بسبب الشعور بالخوف من المواجهة وإغضاب الآخرين لحاجتنا لحبهم ورضاهم، والإحساس المستمرّ بمسؤوليتنا عن كل ما يحدث. إن الشعور غير المبرّر بالذنب سبب رئيس للمعاناة النفسيّة ولابد من التخلّص منه فورا، فهو لن يجعلنا أشخاصا أفضل طالما هو مُرتبط بإطلاق الأحكام على أنفسنا بدلا من التركيز على الحلول.
للخروج من دائرة جلد الذات والإفراط في الشعور المستمر بالذنب علينا التركيز على بعض الأمور:
- التفريق بين القصّة والحَدَث
إن الحدث هو ما يحصل معنا، أما القصّة فهي طريقة تفسيرنا لهذا الحدث، فترجمة الأحداث هي انعكاس لمنظورنا تجاه الأمور، وهو الشيء الوحيد الذي باستطاعتنا تغييره، فنُغيِّر بذلك من طريقة تفسيرنا للأمور.
على سبيل المثال؛ قمتم بالاتفاق مع أطفالكم على الذهاب لشراء لعبة لهم بعد انتهائِكم من الدوام، حَدَث طارئٌ في العمل استدعى بقاءكم لفترة أطول وعدم تمكنّكم من اصطحابهم. الحدث هو الظرف الذي تعرضتم له، القصة هي طريقة تفسيركم له، فإن كنتم ممن يميلون إلى الشعور بالذنب كلّما تعرضوا لأمورٍ خارجة عن إرادتهم فعليكم أن تذكروا أنفسكم بالأحداث وفصلِها عنكم لتستطيعوا تحويل قصتكم وترجمتها بشكل واقعي ومنطقي أكثر. - تصحيح الخطأ
الشعور بالذنب لا يكون مُفيداً ومنطقيّاً إلا إذا اقترن بمحاولة إيجاد حلول، عدا ذلك فهو شعور هدّام ومؤذ.
كلما راودكم شعور بالذنب تجاه أمر ما اقترفتموه حاوِلوا معالجته بأسرع وقت، وخذوا خطوة إيجابية لتغييره، وبهذا يتبيّن لكم الخطأ الوهمي من الحقيقي وستكتشفون مدى العبء النفسي الوهمي الذي قد تُحمِّلون به أنفسَكم فوق طاقتها. - تعلّم الرفض
لدينا جميعاً قدرات وامكانيّات مُعيّنة تتفاوت من شخص لآخر، فإذا طلب منكم أحد أصدقائكم خدمة تعلمُون في قرارة أنفسكم أنّكم لن تستطيعوا أداءها أو حتى إن لم تكن لديكم الرغبة في القيام بها فتعلّموا أن ترفضوا.
ارفضوا بالطريقة التي تُناسبكم ولا تُسبّب لكم الحرج. فحين ترفضون، أنتم بهذا تُحرِّرون أنفسكم من المسؤوليّة وبالتالي لن تشعروا بالذنب.
إذا كُنتم تحاولون إرضاء الجميع على حساب أنفسكم فإنكم ستشعرون بالذنب في حال عجزتم عن أداء ما هو متوقّع منكم. - مساعدة الآخرين في التعامل مع الشعور بالذنب
من أفضل الطرق التي تساعد على التعامل مع الشعور بالذنب وفهم مصدره هي مساعدة الآخرين على التعامل الصحي مع هذا الشعور، فمساعدة الآخرين والتعاطف معهم يزودنا بالوعي تجاه أنفسنا ويساعدنا على إدراك حقيقة مشاعرنا فنستوعبها بشكل أفضل.
تستطيعون دائماً أن تُغيّروا طريقة تفكيركم ونظرتكم للأمور. فهناك دوماً خيارات أمامكم ولكنها لا تظهر إلا حين تقرروا البدء.
دانا جودة
مدربة مهارات حياتية وأنماط التفكير
مجلة نكهات عائلية
The post الشعور بالذنب.. هل يدفع تحو التغير أم سببا في معاناة نفسية؟ appeared first on Alghad.
إقرأ المزيد
0 التعليقات
إرسال تعليق